لماذا تختفي بعض العلاقات فجأة؟

 

لماذا تختفي بعض العلاقات فجأة؟

رحلة في علم النفس، وطبائع البشر، وتحوّلات الروح

بقلم: عرفة الحمادي


تختفي بعض العلاقات كما تأتي:

بلا مقدّمات، بلا تفسير، بلا توديع.
يخرج شخص من حياتك كما يخرج الضوء عند انقطاع الكهرباء، فتبقى أنت في الصمت، تبحث عن معنى، وتسأل:
كيف يمكن لشيءٍ كان حاضراً بكل ثقله… أن يتلاشى بهذه السهولة؟

الجواب ليس سهلاً، ولا واحداً.
لأن اختفاء العلاقات حدثٌ إنسانيّ معقّد، يحمل داخله علم النفس، والروح، والنمو، والوعي، وتغيّر المصائر.

هذا المقال يحاول أن يفتح النوافذ على الأسباب التي لا نراها، والطبقات التي لا نتحدث عنها.

 
إن لامست كتاباتي شيئًا هادئًا في داخلك، فدعمك يساعدني على الاستمرار في خلق محتوى صادق وعميق… من القلب، وبشكل مستقل. . PayPal.me/arafahamad

شكرًا لوجودك هنا.

١. لأن الناس يتغيّرون… والهوية تتبدّل بصمت

يقول عالم النفس “كارل يونغ” إن الإنسان لا يبقى هو نفسه عبر الزمن، بل تتشكّل داخله نسخ جديدة كلما مرّ بتجارب عميقة وهذا واقع نعيشه اليوم.

وبينما يتغيّر أحدنا، قد يبقى الآخر ثابتاً، فلا تعود الروحان تلتقيان في نقطةٍ مشتركة.

العلاقة لا تختفي فجأة…
بل تذبل تدريجياً من الداخل، حتى يصل أحد الطرفين إلى لحظة لا يمكنه الاستمرار فيها.

السبب الحقيقي:
الجروح، النجاحات، الخيبات، النضج، الوعي، كلها تغيّر مسار الوجدان، وقد تفرّق بين قلوب كانت تتقاطع بالأمس.

٢. لأن الصمت أحياناً أسهل من المواجهة

بعض الناس يخافون المواجهة أكثر مما يخافون الخسارة.
يخشون جملة “لماذا؟”
ويهربون من مساحة الشرح، ويختارون الانسحاب الصامت لأنه:

  • أسهل.
  • أخف.
  • أقل إرباكاً.
  • وأقل حملاً للذنب.

الاختفاء يصبح طريق الهروب من مشاعر لا يستطيعون تسميتها، أو مسؤوليات لا يريدون تحملها.




٣. لأن العلاقة انتهت داخلياً… قبل أن تنتهي خارجياً

اختفاء بعض العلاقات ليس وليد لحظة، بل هو نتيجة تراكمات صغيرة:

  • كلمة لم تُقال

  • خيبة لم تُعالج

  • شعور بالتقدّم أو التراجع

  • حاجات لم تُلبَّ

  • اختلاف في القيم

  • انخفاض في الشغف

  • زيادة في الوعي أو انخفاض فيه

يصل أحد الطرفين إلى حالة “الامتلاء” امتلاء من الاستمرار في علاقة لم تعد صحيّة.

فيختفي…
ليس لأنه لا يُحب، بل لأنه لم يعد قادراً على البقاء.


٤. لأن بعض العلاقات خُلِقت لمرحلة… لا للحياة

هناك أشخاص يأتون:

ليعلّمونا درساً، ليفتحوا باباً، ليُنهوا جرحاً، ليوقظوا وعياً، أو ليكونوا جسر عبور لا محطة إقامة.

وحين تنتهي مهمتهم، تسحبهم الحياة إلى مسار آخر.

كما يقول “باولو كويلو”:
الأشخاص الذين يعبرون طريقك يحملون جزءاً من قدرك، لا حياتك كلها.


٥. لأننا لا نرى دائماً صراعات الآخرين

ليس كل من يبتعد يفعل ذلك ضدّك؛ أحياناً يبتعد الناس:


  • لأنهم مكتئبون

  • لأنهم مرهقون

  • لأنهم يمرون بأزمة داخلية

  • لأنهم يخوضون صراعاً لا يعرفه أحد

  • لأن طاقاتهم لا تسمح لهم بالعطاء

  • لأن حياتهم تغيّرت جذرياً

الاختفاء ليس حكماً عليك،

بل انعكاساً لمعركتهم هم. لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال: إلتمس لأخيك سبعين عذرا.


وبالعامية نقول: مب لازم تشخصنها معاهم، تراهم بشر وكلن يمر بظروف لا يعلمها الا الله. 


 

٦. لأن المشاعر ليست ثابتة… ولا مُلزمة بالبقاء

يقول علماء الأعصاب إن الدماغ يعيد تشكيل الروابط الشعورية باستمرار، وأن العاطفة ليست شيئاً صلباً، بل تيار يتغيّر.

قد يحبّك شخص في مرحلة، ثم يخفت ذلك الشعور بفعل:

  • الزمن

  • الاعتياد

  • المفارقات

  • الانشغال

  • تغير الاحتياجات

  • ظهور رغبات جديدة

  • انتهاء النضج العاطفي السابق

المشكلة ليست في اختفاء الحب، بل في عدم قدرة الآخر على شرح هذا التغيّر. فيختار الاختفاء.



٧. لأن العلاقة فقدت توازن العطاء

عندما يبذل طرفٌ أكثر من الآخر،
تتحوّل العلاقة شيئاً فشيئاً إلى عبء.

وفي لحظة معيّنة، قد يشعر الطرف الأقل عطاءً أنه غير قادر على موازنة الميزان، فيضطر للهروب.

الهروب ليس جبناً دائماً… أحياناً هو اعتراف بالعجز. مب منك! ترا منهم. 


٨. لأن الصمت يختصر ما يعجز اللسان عن قوله

ليس كل ما يُحسُّ يُقال.
وليس كل ما يُقال يصل.

وحين تتعقد المشاعر، وتتشابك الأسباب، ويصعب الجمع بين الرحيل والوفاء…
يكون الصمت هو الطريق الذي يختاره البعض، مع أنه مؤلم، قاسٍ، ويترك آثاراً عميقة.

لكن بالنسبة لهم… كان هذا هو الخيار الأقل ضرراً. وهذا يحصل مثيراً في العلاقات، المثير مننا يريد نهاية واضحة ولمن النهاية التي اتت لم تكن كذلك فنكون في حيرة من امرنا ولدينا الكثير من التساؤولات. 


٩. ولأن الرحيل أحياناً حماية لا خسارة

نبتعد عن بعض الناس لأن وجودهم يضرّ أرواحنا دون أن نشعر: 

يستنزفوننا، يُضعفون تقديرنا لذاتنا، يحجبون نموّنا، أو يعيدون إحياء نسخٍ قديمة لم نعد نريد العودة إليها.

الاختفاء هنا ليس قسوة، بل حماية للنفس.


الخلاصة: الرحيل المفاجئ ليس مفاجئاً كما نظن

العلاقات لا تختفي فجأة…
هي تختفي ببطء، وتسقط من الداخل أولاً.
وما نراه “فجأة”
هو فقط اللحظة الأخيرة من سلسلة طويلة لم نكن نراها.

اختفاء العلاقات ليس دائماً إهانة…
أحياناً يكون:

نجاة، نضجاً، خَلقاً جديداً، وانتقالاً لمرحلة لا يمكن أن يدخلها الجميع.


إن لامستْ كتاباتي شيئًا هادئًا في داخلك،
فدعمك يساعدني على الاستمرار في خلق محتوى صادق وعميق…
من القلب، وبشكلٍ مستقل.  PayPal.me/arafahamad
شكرًا لوجودك هنا.

بقلم: عرفة الحمادي

المصادر والمراجع المقترحة:
علم النفس والعلاقات
كارل يونغ — الإنسان يبحث عن نفسه
جيمس هوليس — معنى الحياة في النصف الثاني
غابور ماتي — جسد لا يكذب
نيكول لابيرا — كيف تشفي ذاتك
برينيه براون — أطلس المشاعر
سو جونسون — عانقني بقوة
أمبر لافين — التعلّق (Attached)
الفلسفة والروح
باولو كويلو — الخيميائي
جبران خليل جبران — النبي
فيكتور فرانكل — الإنسان يبحث عن معنى
السلوك والعلاقات الإنسانية
ستيفن كوفي — العادات السبع للناس الأكثر فاعلية
ديباك شوبرا — الطرق السبعة للنجاح الروحي


Instagram: @arafas.world

Snapchat: @arafaalhammadi

My Digital Product (Reflection Journal): gumroad.com/arafaalhammadi



جميع الحقوق محفوظة © 2026
Arafa’s World™ — AW Collective Nexus



Comments